هشاشة العظام د/مها راداميس

هشاشة العظام د/مها راداميس

هشـــاشــــــة الـعـظـــــام

د. مها  رادميس

بكالوريوس الطب والجراحة ، تغذية علاجية

عضو الجمعية الأمريكية لعلاج السمنة

عضو الجمعية المصرية لدراسة السمنة

ما هو مرض هشاشة العظام ؟

مرض هشاشة العظام مرض متزايد تصبح فيه العظام تدريجياً اضعف واضعف وبسبب تغييرات في وضع الوقوف ويجعل الشخص المصاب معرضاً تماماً لكسور العظام

وبسبب الاختلافات الفسيولوجية والغذائية والهرمونية بين الرجال والنساء فإن مرض هشاشة العظام يؤثر اساساً على النساء

وفي الحقيقة فإن هذا المرض الموهن يصيب النساء بصورة اكبر من امراض القلب والسكتة المخية والسكر وسرطان الثدي او التهاب المفاصل

ونصف عدد السيدات بين سن الخامسة والاربعين والخامسة والسبعين تظهر عليهن علامات مرض هشاشة العظام بدرجات مختلفة

واكثر من ثلث هذه المجموعة يعاني من تدهور خطير في العظام ويكلف علاج حالات مرض هشاشة العظام في الولايات المتحدة حوالي 3,8 بليون دولار سنوياً .

كتلة العظام

كتلة العظام هي (كمية المعادن الموجودة في العظم) تصل عموماً لأقصى مستوى في السيدات بين الثلاثين والخامسة والثلاثين من العمر وبعد ذلك يبدأ في الهبوط وبين الخامسة والخمسين والسبعين تعاني السيدات من فقد العظام بنسبة 30 الى 40 % ولسوء الحظ فإن فقد العظام لا يسبب  اي اعراض ولذلك يمر بدون ملاحظة حتى يحدث فقد كبير للعظام ومن الشائع للسيدات ألا يدركن أنهن مصابات بهشاشة العظام حتى يتعرضن لحادث بسيط بسبب كسوراً في العظام . غالباً في الرسغ او الورك . واذا ازدادت الحالة سوءاً فأن مجرد العناق الزائد قد يؤدي الى تشقق أو كسر الضلوع ومع زيادة فقد العظام تتعرض الفقرات لما يسمى (الكسور الانضغاطية) ويحدث ازدحام لأعصاب الحبل الشوكي والأعضاء الداخلية المختلفة ويحدث نقص في الطول . وهذا هو الانضغاط الذي يسبب ظهور سنام العجوز المهيبة الذي يحدث في كثير من السيدات عند تقدم العمر . ويمكن ايضاً لهشاشة العظام ان يكون عاملاً مساعداً في حدوث فقد الاسنان عندما يضعف تركيب عظام الفك فلا يقوى على حمل الاسنان بشدة في مكانها .

وكثير من الناس لديهم انطباع ان هشاشة العظام يحدث عن طريق نقص الكالسيوم في الوجبات الغذائية ، وبالتالي يمكن علاجه باستخدام مكملات الكالسيوم . وهذا ليس صحيحاً تماماً ، فبرغم ان تناول مكملات الكالسيوم يفيد في التعامل مع هشاشة العظام ، فإن هناك اعتبارات اخرى ايضاً ، ففيتامينات ج، د، ه، ك جمعيها تلعب ادواراً حيوية في مقاومة حدوث هشاشة العظام وكذلك البروتينات وتنظيم كميات بعض المعادن في الجسم مثل المغنسيوم والفسفور والسيليكون والبورون والزنك والمنجنيز والنحاس يعد عاملاً هاماً في المحافظة على نسبة الكالسيوم ، والتمرينات الرياضية تمثل ايضاً عاملاً صحياً .

وهناك نوعان اساسيان من هشاشة العظام ،النوع الاول ، يعتقد انه نتيجة التغيرات الهرمونية وخصوصاً نقص الاستروجين الذي يسبب فقد المعادن من العظام ، والنوع الثاني ، مرتبط بالنقص الغذائي خصوصاً نقص الكالسيوم ، وكثير من النساء يعتقدون – على وجه الخطأ – أن هشاشة العظام شيء يختص فقط بمرحلة ما بعد سن اليأس ، ومع ذلك فإن الدلائل الحديثة تشير الى ان هشاشة العظام يبدأ غالباً مبكراً في السن ، وليس على وجه الدقة مرضاً يحدث بعد سن اليأس ، وبالرغم ان فقد العظام يزداد بعد سن اليأس – نتيجة نقص الاستروجين – إلا انه يبدأ في السنوات السابقة لسن اليأس .

ومن المعروف ان هناك عدداً من العوامل تؤثر على خطورة ظهور المرض ، ومن اول واهم هذه العوامل كتلة العظام القصوى في فترة المراهقة ، فكلما زاد حجم وكثافة العظام التي يبدأ بها ، قل فقد العظام المضعف ، وعلى ذلك فإن النساء ذوات العظام الصغيرة والرقيقة لديهن اسباب اكثر للاهتمام عن السيدات ذوات البنيان الكبير والعظام الثقيلة ، والجنس والعرقيات يمكن ان تلعب دوراً كذلك ، فنساء اوروبا الشمالية او ذوات الاصول الاسيوية معرضات بدرجة اكبر للإصابة بهشاشة العظام بينما نساء الاصل الأفريقي قلما يتأثرن بالمرض .

والعادات الغذائية واساليب المعيشة تمثل اهمية ايضاً ، ونقص الكالسيوم في الوجبات يمثل عاملاً مهماً ايضاً ولكن تتساوى معه في الاهمية بعض الانظمة الغذائية التي تؤثر على تمثيل الكالسيوم ، والوجبة الغنية بالبروتينات الحيوانية والملح والسكر تجعل الجسم يخرج كميات زائدة من الكالسيوم ، مما يدفع الجسم الى ان يسلب الكالسيوم من العظام لتعويض احتياجاته ، والكافيين والكحول والكثير من الادوية لها نفس التأثير ، والماغنسيوم الزائد  او الفسفور (موجود في معظم الصودا وكثير من منتجات الاطعمة المعدة ) يمكن ان يقلل من امتصاص الجسم للكالسيوم لأن هذه المعادن تتنافس مع الكالسيوم على الامتصاص في الدم ونخاع العظم – وكثافة الجسم تعتمد ايضاً على التمرينات الرياضية ، فعند اجراء التمارين المنتظمة التي تعمل على الوزن ( مثل المشي ) فأن الجسم يستجيب بترسيب كمية اكبر من المعادن في العظام وخصوصاً عظام الساقين والعمود الفقري . وعلى العكس فإن نقص التمرينات المنتظمة يسرع من فقد كتلة العظام ، هناك عوامل اخرى تجعل الانسان اكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام مثل التدخين والبلوغ المتأخر وسن اليأس المبكر (طبيعياً او صناعياً ) او السيرة العائلية للمرض وزيادة نشاط الغدة الدرقية وامراض الكبد والكلى المزمنة ، والاستخدام الطويل للكورتيكستيرويدز ومضادات التشنجات ومضادات الجلطة .

وبالرغم من ان هشاشة العظام لا تسبب اعراضاً  إلا اذا كان في مرحلة متأخرة فإنه يوجد بعض العلامات التحذيرية التي يمكن ان تشير الى حدوث فقد العظام ، وهذه تشمل نقصاً تدريجياً في الطول وانحناء او استدارة الكتفين وآلاماً بالجسم ، واذا لاحظت ان ملابسك قد اصبحت طويلة فهذا يمكن ان يكون دليلاً على ما اصابك .

توصيات

 1- تناول بكثرة الاطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د ، والمصادر الجيدة التي تحوي الكالسيوم سهل التمثيل تشمل : البروكلي ومعظم الخضروات ذات الاوراق الخضراء الداكنة ، والسمك المفلطح  والبندق واللفت وعشب البحر والعسل الأسود والشوفان والمحار والسلمون والسردين (بالعظم) والخضروات البحرية وبذور السمسم وسمك القريدس وفول الصويا والطحينة (طحين السمسم) وجنين القمح .

2- تناول الاطعمة المحتوية على الحبوب الكاملة والكالسيوم في اوقات مختلفة ، فالحبوب الكاملة تحتوي على مادة تتحد مع الكالسيوم ، وتمنع استخلاصه ، تناول الكالسيوم عند وقت النوم حيث انه يمتص بطريقة افضل كما انه يساعد على النوم ,

3- أضف الى وجباتك الثوم والبصل والبيض ( اذا لم يكن مستوى الكولسترول مرتفعاً ) فهذه الأغذية تحتوي على الكبريت اللازم لسلامة العظام ،

4-  حدد تناولك للوز الأسبرجس (الهليون) والبنجر والشمندر والسبانخ فهذه الاطعمة غنية بحمض الأوكزاليك الذي يثبط امتصاص الكالسيوم .

5- تجنب المشروبات والأغذية المحتوية على الفوسفور مثل المشروبات الغازية والأغذية الحيوانية الغنية بالبروتين والكحول ، تجنب التدخين والسكر والملح ، وقلل من استهلاكك للموالح والطماطم فهذه الأطعمة تقلل من امتصاص الكالسيوم .

6- تجنب منتجات الخميرة ، فالخميرة تحتوي على نسبة عالية من الفوسفور الذي يتنافس مع الكالسيوم على الامتصاص عن طريق الجسم .

7- إذا كنت فوق الخامسة والخمسين ، فتناول لبنات الكالسيوم ( اذا لم تكن لديك حساسية للبن) او فوسفات الكالسيوم كمكلات في وجبتك اليومية ، وتناول أيضاً حمض الهيدروكلوريك كمكمل غذائي – فكما ان امتصاص الكالسيوم يحتاج الى توافر فيتامين د ، فهو يحتاج ايضاً الى حمض الهيدروكلوريك في المعدة بكمية كافية ويفتقد كبار السن الى كمية كافية من الحمض في المعدة .

8- إذا كنت تتناول هرمون الغدة الدرقية أو الادوية التي تمنع التجلط  فأكثر من تناول الكالسيوم بـ 25 الى 50 % .

9- إذا كنت تأخذ دواءً مدراً للبول فاستشر طبيبك قبل تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين د ، حيث ان مدرات البول المحتوية على الثيازيد تزيد من نسبة الكالسيوم في الدم ، ويمكن ان تحدث مضاعفات لو أخذت هذه الادوية مع مكملات الكالسيوم وفيتامين د ومع ذلك فإن الأنواع الأخرى لمدرات البول تزيد من احتياجات الجسم للكالسيوم .

10- احتفظ بنشاطك دائماً ومارس الرياضة بانتظام ، فنقص ممارسة الرياضة يؤدي الى فقد الكالسيوم . والمشي يعتبر من افضل انواع الرياضة للمحافظة على كتلة العظام .

اعتبارات عامة

1- يمكن ان يساعد المنجنيز على منع حدوث هشاشة العظام طبقاً لمقال نوقش في اجتماع الجمعية الامريكية الكيميائية في اناهيم في كاليفورنيا ووجد العالم بول سئالتمان Paul Saltman بجامعة كاليفورنيا – سان دياجو أن الفئران التي تتناول كمية صغيرة من المنجنيز تظهر عليها هشاشة العظام .

2- يفقد كل من الرجال والسيدات العظام ببطء ، وذلك مع تقدم العمر ، وتفقد المرأة حوالي من 30 إلى 50 % من سمك قشرة العظام كلما تقدم بها العمر .

3- في دراسة اجريت بواسطة مجلة التغذية الإكلينيكية تم التوصل الى ان السيدات النباتيات يفقدن كمية اقل من العظام من النساء اللاتي يستهلكن اللحوم .

4- في دراسة سجلت في مجلة المعهد الطبي الأمريكي أوضحت ان البالغين سن التقاعد الذين يتناولون المهدئات يعانون من كسور في مفصل الفخذ بحوالي 70 % اكثر من غيرهم في نفس السن .

5- العلاقة بين الكافيين وفقد الكالسيوم ، في دراسة اجريت على البالغين حيث أُعطوا 300 مجم من الكافيين ، وجدت زيادة في كمية الكالسيوم التي تخرج من البول ، وفي دراسة اخرى بينت أن هناك ارتباطاً بين الكافيين ونقص المعادن في العظام في السيدات .

6- تحتوي المشروبات الغازية على كميات كبيرة من الفوسفات التي تخرج عن طريق الكلى مما يجعل الجسم يتخلص من الكالسيوم بأي طريقة حتى ولو كان هذا الكالسيوم من العظام .

7- من الشائع حدوث تحلل العظام مع آلام بمفصل الفخذ وأسفل الظهر أو الساقين وكسور بالفقرات ( عادة ما يؤثر على الأشخاص فوق سن الخمسين) وأفضل طريقة لمراقبة فقد العظام اختبار كثافة المعادن في العظم . وأشعة إكس لا توضح فقد العظام إلا إذا فقد حوالي 25% أو أكثر من كتلة العظام .

الكالسيوم وهشاشة العظام

يستهلك الناس في الولايات المتحدة الألبان والأغذية الغنية بالكالسيوم بصورة اكبر من أي شعوب أخرى على وجه الأرض ، كما انه يتوافر لديهم كذلك عصير البرتقال ومضادات الحموضة المضاف اليها الكالسيوم . وبرغم ذلك ليسوا كآبائهم فهم يأكلون كمية طعام كلية اقل ويأخذون كالسيوم اقل ويمارسون الرياضة التي تنشط نموا العظام بصورة اقل ، وفي نفس الوقت يستهلكون كمية كبيرة من البروتينات الحيوانية والأغذية الغنية بالفسفور مثل المشروبات الغازية . ولذلك فإنه ليس من الغريب أن يكون عندهم أعلى معدل في العالم للإصابة بهشاشة العظام وكسور العظام بين كبار السن . ومن الواضح انهم في حاجة لتناول الأغذية السليمة بكمية اكبر ، وكذلك تناول المكملات الغذائية في عدة صور .

الأدوية والأغذية الصحية تحمل عدداً مدهشاً للفيتامينات والمعادن المكملة في كثير من الأسماء التجارية والصور التركيبية ، بينما الان  من السهل الحصول على كالسيوم مكمل عالي الجودة إلا ان الأمر لم يكن كذلك من قبل ، ففي سنة 1987 تم اختبار أكثر من نصف الثمانين منتجاً لأقراص الكالسيوم بواسطة جامعة ماري لاند بمدرسة الصيدلة وفشلت في تحقيق مواصفات الذوبان التي وصفها دستور الأدوية الأمريكي USP ، وفي سنة  1995 أجرت مجلة Consumma Reports دراسة على 31 مكملاً غذائياً باستخدام اختبار الإذابة للـ USP فوجدت ان كل الأسماء التجارية والأنواع مثل كربونات الكالسيوم ولاكتات الكالسيوم وسترات الكالسيوم وجلوكونات الكالسيوم تذوب بسهولة ، وفي الحقيقة ، فإنه لا توجد صورة من الكالسيوم تذوب أكثر من غيرها .

ومع ذلك فإنه ما زال هناك اختلافات غذائية هامة بين المكملات الغذائية المتاحة ، وبالنسبة للكالسيوم فإن العدد المكتوب في النشرة لا يعكس بالضرورة كمية الكالسيوم التي يمكن ان تمتص من المنتج ، فمثلاً إذا كانت النشرة تقول : لاكتات الكالسيوم 600 مجم فإن ذلك ربما يعني أن كل قرص يزن 600 مجم ولكن من الـ 600 مجم من لاكتات الكالسيوم فإن 60 مجم فقط تكون بالفعل كالسيوم معداً للامتصاص ، وذلك لأن المعادن لا يمكن ان تتحول الى أقراص في حالتها النقية بل لابد ان تتحد مع مادة أو بعض المواد الأخرى لصنع مركب ثابت ، وفي حالة لاكتات الكالسيوم يتكون المركب من كالسيوم مع حمض اللاككتيك . والمعلومة الهامة التي لابد ان ينظر اليها هي كمية الكالسيوم العنصري التي توجد في المكمل الغذائي ، وتحتوي كربونات الكالسيوم على نسبة من الكالسيوم العنصري اعلى من الأنواع الأخرى .

وإذا كنت في شك من أقراص الكالسيوم التي لديك ، يمكنك ان تجري اختباراً منزلياً يحدد إذا ما كان المكمل الغذائي يذوب بسرعة في جسمك ، ضع قرصاً  في كوب من اخل وحركه كل عدة دقائق ،يجب أن يذوب القرص تماماً في خلال نصف ساعة . وإذا لم يذب ، فلن يذوب في معدتك وإلا فإن عليك أن تختار مكملاً أخر .

هذا المقال بالتعاون مع مجلة صحتك بالدنيا.