الرياضة في رمضان

الرياضة في رمضان

الرياضي في رمضان.....بقلم د.حسام عبد الغفار

 بشكل يومي يحتاج الرياضي نظاما دقيقا للحصول على أفضل أداء رياضي ممكن خلال هذا الشهر يوفر للجسم احتياجاته من الطاقة

و يعوض الفاقد من السوائل و خاصة عندما يكون رمضان في فصل الصيف مع درجات حرارة عالية تزيد مما يفقده الجسم عن أي فصل آخر

* فيما يخص الرياضات التي تحتاج إلى القدر الأعلى من السعرات قد يضطر اللاعب إلى أن يتوقف تماما عن ممارسة الرياضة في رمضان

و يواصل التدريب بعد انتهاء الشهر حتى يحصل على معدلات الأداء المعتاد عليها و إن كان كثير من الأبحاث وجدت أنه لا يوجد فرق في مستويات الأداء و رد الفعل بين أيام الصيام و الأيام العادية

فيم اختلاف رمضان عن صيام أيام متفرقة ؟

في مجال تغذية الرياضيين يوجد ما يعرف ب intermittent fasting   و هو صيام يوم أو يومين أسبوعيا بهدف خسارة نسبة من الدهون

و تحسين كفاءة الامتصاص و عملية الهضم و خاصة أن مع السعرات العالية التي يتناولها الرياضيون يحتاج الجهاز الهضمي إلى راحة من حين لآخر تماما كما يحتاج الجهاز العصبي و العضلي للراحة .

و لكن في رمضان الوضع يختلف فهو صيام يومي متواصل لمدة شهر و قد يعقبها 6 أيام صيام شوال انقطاع عن تناول الطعام و الشراب

لمدة تصل إلى 16 ساعة في بلادنا أو حتى أطول في بلاد يزيد فيها طول النهار عن بلادنا مما يجعل ساعات الصيام أكثر و يضغط الفترة المسوح فيها بتناول الطعام و الشراب .

التمرين أثناء الصيام

يعد حصول اللاعب على إجازة من التمرين أثناء شهر رمضان رفاهية غير متوفرة لكل اللاعبين فقد يتصادف أن يكون موعد البطولة بعد رمضان بأيام قليلة أو حتى أثناء الشهر

مما يضطره إلى ليس فقط أن يحاول أن يتدرب في ظروف قاسية من اختفاء الطعام و الشراب لثلثي اليوم بل و درجات حرارة تحارب أداءه و تضعه في ظروف تنافسية صعبة

و خاصة إذا كان لاعبا ينافس على مستوى عالمي يواجه فيه فرقا أو منافسين غير مضطرين للصيام فيتطلب ذلك جهدا إضافيا للتنافس و محاولة الفوز

أما فيما يخص الرياضات التي تعتمد على القدرة على التحمل فقد نلجأ لاستراتيجية مختلفة و هي أن نستغل فرصة هذه الظروف الصعبة لأن نخضع الجسم لمستويات

أعلى من التدريب للوصول للياقة بدنية أفضل مما هو معتاد عليها في الظروف العادية التي يتوفر فيها الطعام و الشراب و درجات الحرارة و الرطوبة المثالية

و لكن إلى حد كبير قد ينفع ذلك في رياضات لا تعتمد على حجم الكتلة العضلية و تعتمد على الأداء بصرف النظر عن الشكل الخارجي للجسم الرياضي

يواجه تلك الاستراتيجية مشاكل الإجهاد الزائد لو وصلنا بالرياضي للحافة و هو ما ينبغي التعامل معه بحرص و مراعاة الفرق بين حدود التحمل التي تختلف في أي رياضي عن الآخر

و قدرته على التجاوب مع مستويات التدريب العالية في ظروف قاسية ,

المسابقة أثناء رمضان

هناك مشكلة أخرى أن يكون موعد المسابقات نفسها في رمضان و في ساعات الصيام , فهنا يجد الرياضي نفسه في موقف صعب هو أن ينافس و يسابق في أثناء الصيام

و هو ما يتطلب أن يكون تمرينه و فترة إعداده للمسابقة أيضا في فترة الصيام حتى يكون أداؤه أفضل ما يمكن في المسابقة

و ليكن المفهوم واضحا سنبدأ بتوضيح كيف يكون تصميم برنامج غذائي في أي شهر عادي

نبدأ بحساب متطلبات الرياضي من الطاقة و السعرات الحرارية

التي تعتمد على

طوله

وزنه الحالي

ذكر أم أنثى

نوع الرياضة

عدد أيام التدريب

عدد مرات التدريب في اليوم الواحد و التي قد تتنوع مع أيام الأسبوع المختلفة ,

ففي أيام قد يمارس الرياضة مره واحده و أيام أخرى مرتان و أحيانا ثلاثة , و يزيد الأمر تعقيدا حينما تكون رياضات و أنماط مختلفة من التمرين

و هنا نقول أن الرياضي الذي نقصده هو المحترف الذي يجب أن يلتزم حرفيا بالنظام المصمم له

لأن المتغيرات التي نقابلها هي متعددة و تتطلب دقة التنفيذ لكي يتمكن مصمم البرنامج من التعديل الأولي

معتمدا على المعلومات التي سنحصل عليها من تغير بسيط في الوزن أو مستوى الطاقة و الأداء إلى تغييرات بسيطة جدا في رياضات

مثل : كمال الأجسام التي تعتمد على تغييرات في الشكل العضلي و الجلد و التفاصيل الدقيقة التي قد تحول من فائز إلى خاسر 

وهو تعديل أولي لأن هناك اختلافات بين كل رياضي و آخر في معدل حرق السعرات الحرارية 

بمعنى أن حساباتنا لاثنين بنفس العمر و الجنس و الطول و الوزن ستقابل بفروق في النتائج بفرضية التزام كل منهما حرفيا بالبرنامج

و لذلك فلا يوجد برنامج يصلح للجميع كما كان شائعا بل يجب أن يتم تصميم برنامج خاص بكل رياضي

و الذي سيتم تعديله بعد دراسة دقيقة للمتغيرات التي طرأت عليه و يستمر التعديل وصولا إلى المسابقة ,

و لا يتوقف الأمر عند ذلك بل يخضع أداؤه في المسابقة للفحص و التدقيق من أجل الوصول لمستويات أعلى مع كل مسابقة

مع الأخذ في الإعتبار أن جسم الإنسان متغير بالشكل الذي قد يؤدي إلى فشل مؤكد عن تكرار نفس البرنامج لنفس الشخص مرتين

و قد يكون في المرة الأولى قد فاز بالمسابقة و نفاجأ أنه لم يحصل على نفس الأداء و المستوى في المرة التالية لأنه ببساطة قد تغير و لم يعد نفس الجسم الذي استجاب بكفاءة للبرنامج من قبل

تصميم برنامج التغذية للرياضيين في الأيام العادية

بعد حساب السعرات الحرارية و تقسيمها إلى بروتين و كربوهيدرات  و دهون و سوائل يتم توزيع الوجبات على مدار اليوم

وجبة رئيسية قبل التمرين بثلاث أو أربع ساعات تحتوي على كربوهيدرات معقدة مع قدر متوسط من البروتين و القليل من الدهون

وجبة شبه سائلة قبل التمرين بساعتين أو ثلاثة

ثم قبل التمرين بساعة أو ساعتين فاكهه او عصير أو القليل من المشروب الرياضي و الذي يتم تناوله بشكل رئيسي أثناء التمرين

لما يحويه من نسبة منخفضة من السكريات البسيطة و نسبة من الأملاح لتعويض الفاقد في العرق أثناء التمرين الذي يزيد عن الساعة , يتم تناول كوب 250 مللي كل ربع أو ثلث ساعة

مع الأخذ في الإعتبار أن في إطار حساب السوائل يتم احتساب الكمية المفقودة في صورة عرق عن طريق قياس وزن اللاعب قبل و بعد التمرين

و تكرار هذه العملية من حين لآخر مع تغير درجات الحرارة و الرطوبة حيث نقوم بتعويض الوزن المفقود في صورة عرق بمقدار 1,5 الكمية

و من الجدير بالذكر غياب مفهوم تعويض السائل عن الكثيرين حتى في أوساط الرياضيين بل و يقوم البعض بتناول العصائر التي تحتوي على السكر قبل أو أثناء التمرين

مما قد يؤدي إلى هبوط سريع في مستوي السكر بالدم مع التمرين , و يؤدي عدم تعويض السوائل إلى تعرض اللاعب لحالات من الجفاف و الشد العضلي الذي يسبب الإصابة

طريقة عمل 1 لتر من  المشروب الرياضي (بنكهة البرتقال ) 4 برتقالات , واحد جرام ملح (ربع معلقة صغيرة ) و يكمل باقي اللتر ماء فاتر

طريقة عمل 1 لتر من  المشروب الرياضي (بنكهة الليمون ) 4 معلقة كبيرة عصير ليمون ,4 معالق كبيرة سكر  , واحد جرام ملح (ربع معلقة صغيرة ) و يكمل باقي اللتر ماء فاتر

بعد التمرين بنصف ساعة نحرص أن يتناول اللاعب وجبة عالية البروتين يفضل أن تحتوى على كوب لبن لما يحويه من الواي بروتين و الكازين

الواي بروتين يمتاز بقدرته على الوصول بسرعة للعضلات و تعويض ما تعرض للهدم أثناء التمرين

بينما الكازين هو بروتين بطئ فيكون ذو أهمية كبيرة في استمرار عملية البناء على مدى ساعات طويلة بعد تناوله

و نستغل تلك الخاصية في أن نجعله آخر بروتين يتم تناوله قبل ساعات النوم الطويلة في صورة لبن أو جبنة قريش

بعد التمرين بساعة و نصف يتم تناول وجبة رئيسية تشبه تلك التي تم تناولها قبل التمرين بأربع ساعات حيث يتم تعويض الجليكوجين الذي استهلك أثناء التمرين

 

تصميم برنامج غذائي للرياضي في رمضان

و لنطبق ذلك في برنامج غذائي لشهر رمضان بشكل يحقق لنا أقصى ما يمكننا في ساعات الإفطار المحدودة سنبدأ بتناول وجبة الإفطار مع أذان المغرب

و نحرص فيها أن يتوافر فيها مواصفات الوجبة الرئيسية قبل التمرين بأربع ساعات و يمكننا مراعات الشكل الطبيعي للوجبة الذي نطبقه مع غير الرياضيين

من البدء بتمر أو عصير ثم نوع من أنواع الحساء لتجهز المعدة لتناول الطعام بعد ساعات الصيام الطويلة

الوجبة التالية هي وجبة شبه سائلة يمكن تناولها قبل صلاة العشاء مباشرة

ثم تناول العصير او الفاكهة قبل صلاة التراويح أو في الفاصل بعد الأربع ركعات الأولى

و بذلك يمكن للرياضي أن يمارس الرياضة بعد صلاة التراويح مباشرة

 

و لا ينسى شرب المشروب الرياضي أثناء التمرين و شرب الماء بين الوجبات و خاصة عندما يكون رمضان في فصل الصيف

بعد التمرين بنصف ساعة وجبة بعد التمرين التي يجب توفر مواصفات معينة فيها

يجب أن تحتوي على جرام كربوهيدرات لكل كيلوجرام من ون اللاعب و بروتين بعدد جرامات ربع الكربوهيدرات

وجبة السحور 

وجبة السحور تماثل الوجبة الرئيسية بعد التمرين و يجب أن يتوفر فيها أيضا نفس مواصفات وجبة السحور لغير الرياضي

من كونها مثلا قليلة الملح حتى لا تؤدي إلى شعور اللاعب بالعطش أثناء اليوم

و لا يجب أن يشعر بالقلق من العطش بشرب كميات كبيرة من الماء فذلك سيؤدي إلى مزيد من العطش خلال اليوم

في حالة كون التمرين يجب أن يكون في ساعات الصيام يفضل وقتها أن يكون قبل المغرب عن أن يكون صباحا

لأن بالرغم من أن وجبة السحور قد تعطي طاقة كافية لخوض التمرين إلا أنه تمرين محفوف بالمخاطر

 

حيث أنه مع الإندماج في تدريب مرهق و شاق قد يشعر اللاعب التعب أو الهبوط أو الجفاف حتى و يتطلب أن نمده بالسوائل أو السكريات

و هذا غير ممكن كونه صائما لكن لو كان في فترة قبل المغرب ففور انتهاء التمرين يمكنه أن يبدأ بالتمر أو العصير عالي السكريات الذي سيعوض أي فاقد

و بعده وجبة الإفطار التي ستمده باحتياجاته التي نتجت عن تدريبه

و قد أجري عدد من الأبحاث التي أكدت أن مستوى الإجهاد للاعبين يزيد في فترة الظهيرة عن بداية أو نهاية النهار و لذلك يفضل أن يكون التمرين في أطراف النهار عن وسط النهار

 

التغييرات التي تحدث في الجسم نتيجة صيام رمضان

أثبتت الأبحاث أن هناك تغييرات تحدث فعليا نتيجة الصيام في البوتاسيوم و حمض اليوريك و اليوريا و الكرياتينين

و في دراسة أجريت على تأثير تمارين المقاومة و رفع الأثقال خلال شهر رمضان وجد أن وظائف الكلي تتأثر و نسبة السوائل بالجسم

مما يؤكد على أهمية تعويض السوائل قدر الإمكان في فترة الفطار

في الظروف الطبيعية يفقد الصائم 1 % من كتلة جسمه و هي نسبة لن تؤثر في أداؤه و لن تصيبه بالجفاف

في ظروف الحر الشديد و التدريب فترة تزيد عن الساعة فتزيد نسبة الفاقد مما قد يؤثر على أدائه و يتطلب تعويضا كافيا في فترة الفطار

 

ممارسة الرياضة لغير المحترفين

بالنسبة للشخص العادي الذي يمارس الرياضة لأسباب تتعلق بالحالة الصحية أو فقد الدهون فالأضمن أن يتمرن كما ذكرنا سابقا فترة بعد التراويح بشكل أساسي

و هو أفضل من نظريات أخرى تشجع على التمرين بعد وجبة الفطار بساعة مثلا و هو وقت تكون المعدة ممتلئة إلى حد ما بعد صيام عدد كبير من الساعات 

و لا بأس ان كان تركيزه الأساسي فقد الدهون أن يستغل فترة قبل المغرب لأداء تدريب إضافي و خاصة لمن يحتاجون للتدريب فترتين تدريبتين

سواء نفس الرياضة أو رياضة مختلفة  فهنا لا تؤدي وجبة الإفطار لتخزين الدهون بل يكون تركيز الجسم على تعويض الفاقد و بناء العضلات التي تعرضت للالتهاب و الهدم

و إن كانت الأبحاث لم تجد فرقا في الفاقد من الدهون بين التمرين صائما أو بعد تناول وجبة و لذلك دعوا هذا لتفضيل الشخص و لم يفضلوا أسلوب معين

في حالة التمرين مرتين يوميا

و في بحث آخر تبين أن تقليل تمارين المقاومة الإضافية للاعبي كرة قدم قد أدى إلى تحسن في أداءهم في تمارين الكرة

ففي حالة ضرورة وجود تمرينين يوميا يجب أن نركز الجهود في أحدهم كتمرين أساسي

  و نقلل من وقت و شدة الآخر للوصول لنتائج أفضل

و تجنب الإجهاد الزائد في شهر الصيام

و إن كان أبحاث أخرى تميل إلى أن معدل الحرق يزيد 20% عند تناول وجبة خفيفة قبل التمرين عن أن يكون التمرين صائما

و ذلك ربما يفسره نظرية أن أغلب الناس لا يفقدون وزن بسهولة في شهر رمضان مقارنة بالشهور الأخرى

بسبب قلة عدد الوجبات عن الأيام العادية التي تؤدي إلى راحة الجهاز الهضمي من عمليات الهضم المرهقة التي تزيد من حرق السعرات

هل يؤدي الصيام لزيادة حرق الدهون ؟

من ناحية أخرى عندما ننظر لكيفية تعامل الجسم عند حرق الدهون مع الصيام فهو يميل إلى الحفاظ على السعرات و عدم التفريط في مخزون الدهون

لأنه لا يعلم متى سيحصل الإنسان على الوجبة القادمة .

بينما عند الحصول على وجبة و لو خفيفة قبل التمرين يجعل الجسم في حالة اطمئنان إلى أن حرق بعض الدهون لا يشكل خطورة كما في حالة الصيام

و لكن ذلك في حالة الشحص العادي قليل النشاط البدني بينما الرياضي أو الشخص الذي يمارس رياضة بانتظام أثبتت الدراسات أن نسبة الدهون تنخفض مع الوزن خلال الشهر

مقارنة بغير الصائم الذي ينخفض لديه الوزن الإجمالي بدون أن تقل نسبة الدهون في جسمه بشكل ملحوظ خلال نفس المدة الزمنية

يحدث ذلك نتيجة زيادة قدرة الجسم على استخدام الدهون كمصدر للطاقة و توفير الأحماض الدهنية لتكون متاحة بسهولة بدلا من الكربوهيدرات التي يتوقف الجسم عن استخدامها و يحافظ عليها لاستخدام المخ عندما تطول مدة التمرين

و قد وجد أن ذلك يحدث بكفاءة مع مرور أيام متعددة من الصيام و تأقلم الجسم على مواعيد الصيام و التمرين و الإفطار فيلاحظ اللاعب زيادة مستوى الطاقة لديه

و تقل نسبة الدهون لديه مع نهاية الشهر , بل أن هناك من وضع نظاما مستوحى من الصيام بتناول الماء و العصائر فقط خلال اليوم و تناول الوجبات في الفترة المسائية

التمرين قبل أذان المغرب

يصلح أيضا أن نجعل تمارين المقاومة التي لا تحتاج لقدر كبير من الطاقة أن نجعل التمرين قبل المغرب بحيث تصبح كل وجبات الليل مساهمة في عملية إعادة البناء و التأهيل

و لذا فيمكننا تصميم برامج مختلفة مع التأكيد على الحصول على القدر اللازم من السعرات الحرارية و السوائل و الحفاظ على كثافة و شدة و مدة التمرين مثل الأيام العادية

و غالبا لن يحدث تغيير واضح عما قبل رمضان.

و لكن في حالة التمرين قبل المغرب يجب أن يتم ذلك بشكل تدريجي يبدأ ب20 دقيقة مثلا و يزيدها 5 دقائق كل مرة حتى يتأكد من قدرته على أداء متوازن في هذه الفترة الحساسة

و عدم شعوره بأي تعب أو ارهاق قد يفسد صيام يوم كامل إذا اضطر لتناول أي مأكولات أو مشروبات .